responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 535
ذَلِكَ الْقَتْلُ حَقًّا فِي اعْتِقَادِهِمْ وَخَيَالِهِمْ بَلْ كَانُوا عَالِمِينَ بِقُبْحِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ فَعَلُوهُ. وَثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا التَّكْرِيرَ لِأَجْلِ التَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ لَا بُرْهانَ لَهُ بِهِ [الْمُؤْمِنُونَ: 117] وَيَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ لِمُدَّعِي الْإِلَهِ الثَّانِي بُرْهَانٌ. وَثَالِثُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ ذَمَّهُمْ عَلَى مُجَرَّدِ الْقَتْلِ لَقَالُوا: أَلَيْسَ أَنَّ اللَّهَ يَقْتُلُهُمْ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى قَالَ: الْقَتْلُ الصَّادِرُ مِنَ اللَّهِ قَتْلٌ بِحَقٍّ وَمِنْ غَيْرِ اللَّهِ قَتْلٌ بِغَيْرِ حَقٍّ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكَ بِما عَصَوْا فَهُوَ تَأْكِيدٌ بِتَكْرِيرِ الشَّيْءِ بِغَيْرِ اللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِعَبْدِهِ وَقَدِ احْتَمَلَ مِنْهُ ذُنُوبًا سَلَفَتْ مِنْهُ فَعَاقَبَهُ عِنْدَ آخِرِهَا: هَذَا بِمَا عَصَيْتَنِي وَخَالَفْتَ أَمْرِي، هَذَا بِمَا تَجَرَّأْتَ علي واغتررت بحلمي، هذا بِكَذَا فَيُعِدُّ عَلَيْهِ ذُنُوبَهُ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ تَبْكِيتًا. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانُوا يَعْتَدُونَ فَالْمُرَادُ مِنْهُ الظُّلْمُ: أَيْ تَجَاوَزُوا الْحَقَّ إِلَى الْبَاطِلِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا ذَكَرَ إِنْزَالَ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ بَيَّنَ عِلَّةَ ذَلِكَ فَبَدَأَ أَوَّلًا بِمَا فَعَلُوهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ جَهْلُهُمْ بِهِ وَجَحْدُهُمْ لِنِعَمِهِ ثُمَّ ثَنَّاهُ بِمَا يَتْلُوهُ فِي الْعِظَمِ وَهُوَ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ ثُمَّ ثَلَّثَهُ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنَ الْمَعَاصِي الَّتِي تَخُصُّهُمْ ثُمَّ رَبَّعَ بِمَا يَكُونُ مِنْهُمْ مِنَ الْمَعَاصِي الْمُتَعَدِّيَةِ إِلَى الْغَيْرِ مِثْلَ الِاعْتِدَاءِ وَالظُّلْمِ، وَذَلِكَ فِي نِهَايَةِ حُسْنِ التَّرْتِيبِ. فَإِنْ قِيلَ: قَالَ هَاهُنَا: وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَكَرَ الْحَقَّ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مَعْرِفَةً، وَقَالَ فِي آلِ عِمْرَانَ: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ [آلِ عِمْرَانَ: 21 نَكِرَةً، وَكَذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ: وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ لَيْسُوا سَواءً [آلِ عِمْرَانَ: 112، 113] فَمَا الْفَرْقُ؟ الْجَوَابُ: الْحَقُّ الْمَعْلُومُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يُوجِبُ الْقَتْلَ، قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى مَعَانٍ ثَلَاثٍ، «كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ وَزِنًا بَعْدَ إِحْصَانٍ وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ حَقٍّ» ، فَالْحَقُّ الْمَذْكُورُ بِحَرْفِ التَّعْرِيفِ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا وَأَمَّا الْحَقُّ الْمُنْكَرُ فَالْمُرَادُ بِهِ تَأْكِيدُ الْعُمُومِ أَيْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَقٌّ لَا هَذَا الَّذِي يَعْرِفُهُ المسلمون ولا غيره ألبتة.

[سورة البقرة (2) : آية 62]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)
اعْلَمْ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الْمَشْهُورَةَ: هادُوا بِضَمِّ الدَّالِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ وَمُجَاهِدٍ بِفَتْحِ الدَّالِّ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ وَالْقِرَاءَةُ الْمَعْرُوفَةُ الصَّابِئِينَ وَالصَّابِئُونَ بِالْهَمْزَةِ فِيهِمَا حَيْثُ كَانَا وَعَنْ نَافِعٍ وَشَيْبَةَ وَالزَّهْرِيِّ وَالصَّابِّينَ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَالصَّابُونَ بِبَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَحَذْفِ الْهَمْزَةِ، وَعَنِ الْعُمَرِيِّ يجعل الْهَمْزَةِ فِيهِمَا، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ بِيَاءَيْنِ خَالِصَتَيْنِ فَهُمَا بَدَلُ الْهَمْزَةِ، فَأَمَّا تَرْكُ الْهَمْزَةِ فَيَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِنْ صَبَا يَصْبُو إِذَا مَالَ إِلَى الشَّيْءِ فَأَحَبَّهُ، وَالْآخَرُ: قَلْبُ الْهَمْزَةِ فَنَقُولُ: الصَّابِيِينَ وَالصَّابِيُونَ وَالِاخْتِيَارُ الْهَمْزُ لِأَنَّهُ قِرَاءَةُ الْأَكْثَرِ وَإِلَى مَعْنَى التَّفْسِيرِ أَقْرَبُ لِأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَالُوا: هُوَ الْخَارِجُ مِنْ دِينٍ إِلَى دِينٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ اللَّهِ إِذَا ذَكَرَ وَعَدًا أَوْ وَعِيدًا عَقَّبَهُ بِمَا يُضَادُّهُ ليكون الكلام تاماً فههنا لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ الْكَفَرَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعُقُوبَةِ أَخْبَرَ بِمَا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ وَالثَّوَابِ الْكَرِيمِ دَالًّا عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُجَازِي الْمُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ والمسيء بإساءته كما قال: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النَّجْمِ: 31] فَقَالَ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمُرَادِ مِنْهُ، وَسَبَبُ هَذَا الِاخْتِلَافِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْإِيمَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا غَيْرَ الْمُرَادِ مِنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَنَظِيرُهُ فِي الْإِشْكَالِ قَوْلُهُ تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا [النِّسَاءِ: 136]

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 535
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست